وسط درج الكلحة الشهير في وسط البلد في عمّان، تبرز جدارية لافتة تجمع بين وجهَي اثنين من أبرز الأسماء في الموسيقى العربية المعاصرة: زياد الرحباني والموسيقي الفلسطيني فرج سليمان. هذه الجدارية، التي أبدعها الفنان الأردني يامن الحطاب، رُسمت قبل رحيل زياد، لكنها اليوم تكتسب معنى جديدًا ومؤثرًا، مع إعلان وفاة هذا الرمز الثقافي الكبير.
تم رسم الجدارية في عام 2023.
زياد الرحباني، الذي رحل عن عمر 69 عامًا، لم يكن فقط مؤلفًا موسيقيًا وكاتبًا مسرحيًا. كان صوتًا صريحًا، حادًا، وساخرًا عبّر عن وجع الناس وهمومهم بلغة فنية فريدة. بدأ مشواره في عمر مبكر، حيث كتب ولحّن لوالدته، السيدة فيروز. مضى بعد ذلك في مسار خاص جمع فيه بين الموسيقى الكلاسيكية والجاز والموسيقى العربية. وأضاف إليها جرعة عالية من النقد السياسي والاجتماعي.
وعلى الرغم من أن زياد الرحباني لم يُقم حفلات رسمية في الأردن طوال مسيرته، إلا أن حضوره في الوعي الثقافي الأردني كان قويًا وواضحًا. صوته كان حاضرًا في المقاهي، وفي أحاديث الناس وحتى على جدران المدينة. ليست الجدارية الموجودة على درج الكلحة فقط تكريمًا له، بل هي تعبير عن محبة جمهور لم يلتقه يومًا، لكنه شعر بأنه يعرفه عن قرب.
زياد الرحباني شكّل وجدان جيل كامل، وترك إرثًا من الموسيقى والمسرح والتفكير الحرّ. رحل الجسد، لكن الصوت باقٍ، يتردد في كل مدينة عربية أحبّته، وعمّان واحدة منها.
فليرقد بسلام، ولتبقَ موسيقاه ومواقفه تنبض بالحياة في وجداننا.
هل استمتعت بهذا المقال عن جدارية زياد الرحباني في وسط عمّان؟ قد ترغب أيضًا في التعرف على جوهرة مخفية: أول متحف في الهواء الطلق في الأردن!